الكابوس
مقال مرّ عليه عام نشرته في مارس 2010″ رأيت فيما يرى النائم أني استيقظت ووجدت نفسي في أرض لا تشبه وطني.. وأن أبناء جلدتي يمسحون الجوخ ويغسلون عجلات السيارات.. رأيت مجتمعي مشطراً طبقياً بشكل فاحش؛ وأغلبهم واقع تحت عبودية الدين ومسكون بخوف لا يبارحه من الغد.. في منامي لم يكن أحداً يناديني باسمي – وكل من في المدينة كانوا بلا أسماء- وعلي جبين كل منا وشمٌ يشير لطوائفنا وعرقنا والفصيل الذي ننتمي إليه “وتلك كانت هويتنا” كل مشاكلنا وكلماتنا كانت تؤول طائفياً، ولم نكن نرسم مواقفنا تبعاً لموجبات العقل بل وفقاً لهوية الأشخاص الموشومة على جباههم! في كابوسي تحولت دور العبادة لمعامل لصنع الألغام البشرية.. مهمتها التعبئة والتجييش والتحريض.. وأنجح رجال الدين كانوا أمضاهم في إثارة النزاعات والأحقاد..يخرج المصلي معبأً بالضغينة لا السكينة.. وتغيرت طباع الناس فصاروا يمشون في الطرقات وهم يحملون خلف ظهورهم سكيناً تأهباً لطعن الآخر! في المنام كانت هناك قوافل من الدخلاء تستوطن مضاربنا؛ يقرضون خير بلادي تاركين الفتات لي ولأهلي الطيبين.. اخترقوا صفوفنا وأججوا الشرور بيننا وفق خطط ممنهجة.. كان أهل بلدي ينتظرون السقف لسنوات فيما يظفر هؤلاء المستوطنون بالمنازل والوظائف دون عناء!! في كابوسي رأيت شباب وطني مكبلين – من رؤوسهم- بسلاسل من حديد، وقد زُرعت في أدمغتهم شريحة صغيرة تسمح بالتحكم بهم عن بعد من خلال لوحة تحكم مركزية: تخبرهم ماذا يكرهون وبم يفكرون بل وكيف يشعرون. شباب مثل الورد؛ ولكنهم تحولوا لخيول مروضة يحركها سائسها كيفما شاء!! في كابوسي رأيت مواطنين يمضغون لحماً بشرياً..يدلسون ويفترون دون وازع ولا رادع أخلاقي، ورأيت صنفاً غريباً يرتدي جلود الناس بعد سلخها..كان تجار بلدي مفلسين وصارت ثرواتنا تُنهب في وضح النهار. حلمت أن بلدي.. بلدي أنا.. صارت مخمرة كبيرة.. وأن أهلها جنوا وأصيبوا بانفصام الشخصية فصاروا يكيلون الأمور بعشر مكاييل.. وكانت قضايا الوطن معروضة للبيع بالكيلو والرطل والغرام.. وكانت ضمائر أهل الأعلام مباعة بأزهد الأثمان.. كانت الفوضى تعم كل شيء. حلمت أني غريبة في وطني.. وأبناء جلدتي يحملون وراء ظهورهم سكاكين ويتصرفون كالممسوسين.. واستيقظت من أسوأ كوابيسي وحمدت الله على انبلاج الفجر ولكني..خشيت أن أنظر من النافذة
مقال مرّ عليه عام نشرته في مارس 2010″ رأيت فيما يرى النائم أني استيقظت ووجدت نفسي في أرض لا تشبه وطني.. وأن أبناء جلدتي يمسحون الجوخ ويغسلون عجلات السيارات.. رأيت مجتمعي مشطراً طبقياً بشكل فاحش؛ وأغلبهم واقع تحت عبودية الدين ومسكون بخوف لا يبارحه من الغد.. في منامي لم يكن أحداً يناديني باسمي – وكل من في المدينة كانوا بلا أسماء- وعلي جبين كل منا وشمٌ يشير لطوائفنا وعرقنا والفصيل الذي ننتمي إليه “وتلك كانت هويتنا” كل مشاكلنا وكلماتنا كانت تؤول طائفياً، ولم نكن نرسم مواقفنا تبعاً لموجبات العقل بل وفقاً لهوية الأشخاص الموشومة على جباههم! في كابوسي تحولت دور العبادة لمعامل لصنع الألغام البشرية.. مهمتها التعبئة والتجييش والتحريض.. وأنجح رجال الدين كانوا أمضاهم في إثارة النزاعات والأحقاد..يخرج المصلي معبأً بالضغينة لا السكينة.. وتغيرت طباع الناس فصاروا يمشون في الطرقات وهم يحملون خلف ظهورهم سكيناً تأهباً لطعن الآخر! في المنام كانت هناك قوافل من الدخلاء تستوطن مضاربنا؛ يقرضون خير بلادي تاركين الفتات لي ولأهلي الطيبين.. اخترقوا صفوفنا وأججوا الشرور بيننا وفق خطط ممنهجة.. كان أهل بلدي ينتظرون السقف لسنوات فيما يظفر هؤلاء المستوطنون بالمنازل والوظائف دون عناء!! في كابوسي رأيت شباب وطني مكبلين – من رؤوسهم- بسلاسل من حديد، وقد زُرعت في أدمغتهم شريحة صغيرة تسمح بالتحكم بهم عن بعد من خلال لوحة تحكم مركزية: تخبرهم ماذا يكرهون وبم يفكرون بل وكيف يشعرون. شباب مثل الورد؛ ولكنهم تحولوا لخيول مروضة يحركها سائسها كيفما شاء!! في كابوسي رأيت مواطنين يمضغون لحماً بشرياً..يدلسون ويفترون دون وازع ولا رادع أخلاقي، ورأيت صنفاً غريباً يرتدي جلود الناس بعد سلخها..كان تجار بلدي مفلسين وصارت ثرواتنا تُنهب في وضح النهار. حلمت أن بلدي.. بلدي أنا.. صارت مخمرة كبيرة.. وأن أهلها جنوا وأصيبوا بانفصام الشخصية فصاروا يكيلون الأمور بعشر مكاييل.. وكانت قضايا الوطن معروضة للبيع بالكيلو والرطل والغرام.. وكانت ضمائر أهل الأعلام مباعة بأزهد الأثمان.. كانت الفوضى تعم كل شيء. حلمت أني غريبة في وطني.. وأبناء جلدتي يحملون وراء ظهورهم سكاكين ويتصرفون كالممسوسين.. واستيقظت من أسوأ كوابيسي وحمدت الله على انبلاج الفجر ولكني..خشيت أن أنظر من النافذة